وفي المستقبل غير البعيد، أصبحت بوسطن بولاية ماساتشوستس المركز العلمي الرائد في العالم. واشتهرت معاهد المدينة وجامعاتها بأبحاثها في الفيزياء والتكنولوجيا الحيوية وميكانيكا الكم. واحتل معهد هارفارد لأبحاث الكم مكانًا خاصًا، حيث كان كبار العلماء يطورون تقنيات يمكنها تغيير القوانين الأساسية للفيزياء.
وكان من أكثر مشاريع المعهد طموحا مشروع “البوابة”، الذي كان الهدف منه إنشاء جهاز لتحريك الأجسام بشكل فوري لمسافات طويلة. وقاد المشروع الدكتور هنري ماسون، وهو عالم فيزياء متميز ومتخصص في ميكانيكا الكم. كان فريقه يعمل على إنشاء نفق كمي مستقر يسمح بالحركة عبر الفضاء بشكل فوري تقريبًا.
وانضمت إلى المشروع العالمة الشابة آنا مارش، المتخصصة في التشفير الكمي. لقد انجذبت إليها الفرصة لفتح آفاق جديدة في الفيزياء، وربما تغيير فكرة الواقع. اعتقدت آنا أن مشروع “البوابة” لا يمكنه تسريع السفر فحسب، بل يمكنه أيضًا تغيير نظام الاتصالات والنقل بأكمله في العالم.
وبعد سنوات من البحث والاختبار، تمكن الفريق من إنشاء أول نموذج أولي لجهاز قادر على فتح أنفاق كمومية مستقرة. أطلقوا عليها اسم “البوابة الكمومية”. وفي الاختبار الأول، تقرر إرسال طائرة بدون طيار مزودة بكاميرات وأجهزة استشعار عبر البوابة. تم إعداد البوابة لتحريك الطائرة بدون طيار إلى الجانب الآخر من المختبر، على بعد أمتار قليلة فقط، لاختبار النظام.
كانت التجربة ناجحة: اختفت الطائرة بدون طيار من جزء من الغرفة وظهرت في جزء آخر في جزء من الثانية. كان الفريق سعيدًا بالنتيجة وبدأ الاستعداد لاختبارات أكثر صعوبة. ومع ذلك، في اليوم التالي حدث شيء غير متوقع.
أثناء الاختبار التالي لتحريك الطائرة بدون طيار، حدث خطأ ما. بدأت البوابة تنبعث منها ضوء غير عادي، وسجلت الأجهزة موجة قوية من الطاقة. وفجأة اختفت الطائرة بدون طيار لكنها لم تظهر في الموقع المستهدف. على شاشات مركز القيادة، رأوا ما يشبه منظرًا لعالم مختلف تمامًا. وبدلاً من المختبر، انتهى الأمر بالطائرة بدون طيار في شارع مدينة غريبة بها مباني شاهقة وسيارات طائرة.
أدرك الفريق أن البوابة فتحت بطريق الخطأ ممرًا إلى واقع موازٍ. كان هذا العالم مشابهًا للأرض، ولكن مع اختلافات واضحة في التكنولوجيا والهندسة المعمارية. وبعد دراسة البيانات بعناية، توصلت آنا وزملاؤها إلى استنتاج مفاده أنهم ربما عثروا على نسخة بديلة من بوسطن.
قرر الدكتور مايسون أن هذه الحادثة كانت فرصة فريدة لاستكشاف عالم آخر. واقترح إرسال شخص إلى هناك لمعرفة المزيد عن طبيعة هذا البعد الموازي وسكانه. نظرًا لكونها مغامرة بطبيعتها، تطوعت لتصبح أول مستكشفة تغامر في المجهول.
خضعت لتدريب مكثف وتم تجهيزها بكل ما تحتاجه: بدلة واقية يمكن أن تحميها من أخطار مجهولة، وجهاز اتصال يسمح لها بالتواصل مع الفريق في الوقت الفعلي. عندما أصبح كل شيء جاهزًا، دخلت آنا عبر البوابة.
على الجانب الآخر، وجدت نفسها في وسط مدينة كبيرة، والتي تبين أنها نسخة بديلة لبوسطن. لكن هذه المدينة كانت مستقبلية: إضاءة النيون، والهندسة المعمارية المستقبلية، والمركبات الطائرة التي تذكرنا بسيارات الخيال العلمي. شعرت آنا كما لو كانت في زمان ومكان آخر.
وسرعان ما استقبلها السكان المحليون الذين، لدهشتها، تحدثوا باللغة الإنجليزية تقريبًا. ولم يتفاجأوا بمظهرها ويبدو أنهم كانوا يتوقعون زيارتها. تعلمت آنا أن “البوابات” في هذا العالم كانت مفتوحة منذ فترة طويلة، وأصبح السفر بين العوالم أمرًا شائعًا هنا. لقد درس العلماء المحليون الأبعاد الأخرى منذ فترة طويلة وتفاعلوا معها بنشاط.
تم نقل آنا إلى مركز علمي محلي، حيث التقت بالدكتور جوليان ستورم، وهو خبير بارز في الأبحاث متعددة الأبعاد. أخبرها أن هذا العالم كان على علم منذ فترة طويلة بوجود حقائق موازية، بل وحافظ على اتصالات معها. اتضح أن هذا الإصدار من بوسطن كان أكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية بسبب الوصول إلى المعرفة من أبعاد أخرى.
لقد دهشت آنا. لقد أدركت أن عالمهم كان قد بدأ للتو في إدراك إمكانيات ميكانيكا الكم، بينما كان هذا العالم يستخدمه بالفعل لاستكشاف الفضاء والأبعاد الأخرى. وأوضح الدكتور ستورم أن كل عالم كان فريدًا ومتطورًا بطريقته الخاصة، لكن تقنية البوابة سمحت لهذه العوالم بالتفاعل وتبادل المعرفة.
أمضت آنا عدة أيام في استكشاف التكنولوجيا والثقافة المحلية. لقد أذهلتها مدى اختلاف هذا العالم عن عالمها، على الرغم من الجذور المشتركة. ومع ذلك، فإن إقامتها في هذا البعد لا يمكن أن تكون طويلة. كانت موارد الطاقة الداعمة للبوابة محدودة، وكان عليها العودة إلى المنزل.
عندما ودعت صديقاتها الجدد، وعدت آنا بأنها ستخبر عالمها بما تعلمته، وربما في يوم من الأيام سيتمكنون من إقامة اتصال دائم. وعندما عادت إلى بوسطن، استقبلها فريقها بسعادة وارتياح.
شاركت آنا اكتشافاتها وانطباعاتها مع الفريق. لقد أدركوا أن البوابة لم تمنحهم إمكانية السفر الفوري فحسب، بل أيضًا الوصول إلى عدد لا حصر له من العوالم، كل منها يمكن أن يقدم معرفة وتكنولوجيا فريدة من نوعها. غيرت هذه الحادثة اتجاه بحثهم وبشرت بعصر جديد للبشرية.
أصبحت بوسطن معروفة ليس فقط كمدينة للعلوم والتكنولوجيا، ولكن أيضًا كبوابة إلى عوالم أخرى. واصلت آنا مارش وفريقها أبحاثهم، سعيًا للتواصل مع الأبعاد الأخرى ودراستها. أصبحت بوابة ميناء بوسطن رمزًا للانفتاح والسعي وراء المعرفة، وإلهام العلماء والمستكشفين الجدد.