كان بيتر إيفانوف، مبرمج روسي، يحلم منذ فترة طويلة بزيارة نيويورك. قرأ عن ناطحات السحاب فيها، وعن سنترال بارك، وعن شوارع مانهاتن الصاخبة. تمزج هذه المدينة بين القصص والثقافات من جميع أنحاء العالم، وأخيراً أصبح حلمه حقيقة. سافر بيتر إلى نيويورك لحضور مؤتمر دولي حول الذكاء الاصطناعي، وكان لديه بضعة أيام حرة لمشاهدة المعالم السياحية.
كان اليوم الأول عاديًا: زار بيتر مبنى إمباير ستيت، وسار في تايمز سكوير والتقط صورًا بالقرب من تمثال الحرية. لكن في اليوم الثاني كانت تنتظره مفاجأة لم يتوقعها.
استيقظ بيتر في فندقه، وقرر التنزه عبر سنترال بارك. دخل الحديقة من المدخل الجنوبي واتجه نحو البحيرة. كان الطقس جميلاً: مشمساً، مع نسيم خفيف. ولكن، يقترب من جسر القوس، لاحظ بيتر شيئا غريبا. بدأ الهواء من حوله يتألق فجأة، كما لو أن الفضاء بدأ ينكسر إلى أجزاء صغيرة من الضوء.
أخذ خطوة إلى الأمام، ووجد نفسه في نيويورك مختلفة تماما. اختفت ناطحات السحاب، وحلت المباني المنخفضة مكانها منذ بداية القرن العشرين. كان هناك أناس يتجولون بملابس قديمة، وكانت السيارات قديمة الطراز، ولم تكن هناك تكنولوجيا حديثة في أي مكان. أدرك بيتر أنه عاد بطريقة ما عبر الزمن.
وسرعان ما أفسحت الصدمة الأولية المجال للفضول. قرر بيتر استكشاف هذا العالم الغريب. ولدى خروجه من سنترال بارك، رأى شارعًا يشبه شارع برودواي القديم، ولكن بدون لافتات النيون والتدفق الكبير للسياح. كان هناك كشك لبيع الصحف في الزاوية، واشترى بيتر العدد الأخير من صحيفة نيويورك تايمز. كان العنوان الرئيسي: “15 يوليو 1925”.
لقد اندهش كيف يمكن أن يحدث كل هذا. كان في عام 1925 في نيويورك. قرر بيتر أنه بحاجة إلى إيجاد طريقة للعودة. بدأ باستكشاف المدينة بحثًا عن أدلة. أثناء مروره بجوار محل لبيع الكتب، لاحظ مجلدًا قديمًا على النافذة مكتوبًا عليه “أسرار الزمان والمكان”. داخل المتجر، التقى ببائع كتب عجوز عرض عليه المساعدة عندما سمع قصته.
وقال بائع الكتب، الذي قدم نفسه على أنه السيد هيغينز، إن هناك أسطورة في نيويورك حول قطعة أثرية غامضة يمكنها نقل الناس عبر الزمن. هذه القطعة الأثرية، وفقا للأسطورة، كانت مخبأة في مكان ما في زنزانات المدينة. عرض السيد هيغنز مساعدة بيتر في بحثه من خلال تقديم خريطة لنيويورك القديمة وبعض الأدلة المهمة.
بدأ بيتر والسيد هيغنز رحلتهما في أنفاق مترو الأنفاق، والتي كان الكثير منها لا يزال قيد الإنشاء في عام 1925. مروا عبر محطات مهجورة وممرات ضيقة وخطوط السكك الحديدية القديمة. شعر بيتر وكأنه بطل رواية مغامرة، حيث كان يتعمق في متاهات المدينة تحت الأرض.
لقد وجدوا العديد من العوائق في طريقهم: أبواب مغلقة، وآليات قديمة، وحتى أفخاخ قديمة تركها البناة. لكن بيتر والسيد هيغنز لم يستسلما. لقد كان مدفوعًا بالشعور بأنهم قريبون من الحل.
على أحد جدران النفق، لاحظ بيتر وجود رموز غريبة تذكره بأنماط موجودة على كتاب قديم في أحد المتاجر. ورأى أن هذا هو مفتاح الحل. وبعد فك رموز الرموز، وجدوا ممرًا سريًا يؤدي إلى غرفة كبيرة بها مذبح حجري في وسطها. على المذبح كانت هناك قطعة أثرية – ساعة جيب قديمة بآلية غير عادية.
وأوضح السيد هيغينز أن هذه هي نفس القطعة الأثرية التي يمكنها السفر عبر الزمن. أخذ بيتر الساعة بعناية وشعر أن المساحة من حوله بدأت تتغير. لقد أعماه وميض من الضوء وفقد وعيه للحظة.
عندما فتح بيتر عينيه، كان مرة أخرى في سنترال بارك، بالقرب من جسر القوس. عاد كل شيء إلى طبيعته: ناطحات السحاب، والسيارات الحديثة، والأشخاص الذين لديهم هواتف. نظر إلى ساعته – كانت تشير إلى الساعة 10:00 صباحًا في نفس اليوم الذي ذهب فيه للتنزه.
عاد بيتر إلى الفندق الذي يقيم فيه وهو يفكر في كل ما حدث. لقد أدرك أن نيويورك تخفي الكثير من الأسرار والعجائب التي لا تكون مرئية دائمًا للوهلة الأولى. وعلى الرغم من أن سفره عبر الزمن قد انتهى، إلا أنه كان يعلم أن هذه المدينة ستبقى مميزة بالنسبة له إلى الأبد، مليئة بالأسرار والاكتشافات غير المتوقعة.