وفي المستقبل غير البعيد، لم تصبح فورت وورث بولاية تكساس مركزًا ثقافيًا وتجاريًا فحسب، بل أصبحت أيضًا عاصمة للتكنولوجيات الجديدة. في هذه المدينة أجريت التجارب والأبحاث التي يمكن أن تغير فهم البشرية للواقع. أحد هذه المشاريع كان “المنطقة الهولوغرافية”، وهي مبادرة تهدف إلى خلق واقع اصطناعي لا يمكن تمييزه عن الواقع الحقيقي.
وقاد المشروع الدكتور أندرو غرايسون، وهو عالم بارز في مجالات فيزياء الكم وتكنولوجيا الكمبيوتر. كان يعتقد أنه بمساعدة أجهزة الكمبيوتر الكمومية والتقنيات الثلاثية الأبعاد، كان من الممكن إنشاء بيئة افتراضية لا تتوافق بصريًا فحسب، بل تتوافق أيضًا عن طريق اللمس والحسية مع العالم الحقيقي. عمل فريق غرايسون على إنشاء منطقة ثلاثية الأبعاد لاستخدامها للأغراض الطبية والتعليمية والترفيهية.
انضمت كريستينا ستيفنز، وهي مهندسة شابة وعالمة أعصاب، إلى المشروع عندما لفتت أفكارها الخاصة بإنشاء واجهات دماغية حاسوبية انتباه غرايسون. كانت كريستينا واثقة من أن التكنولوجيا الخاصة بهم لا يمكنها فقط خلق واقع اصطناعي، بل تتفاعل أيضًا مع الدماغ البشري بمستوى يسمح للناس بتجربة أحاسيس عميقة وواقعية.
كانت المرحلة الأولى من المشروع هي إنشاء موقع تجريبي صغير في وسط المدينة. كانت هذه منطقة مغلقة حيث يمكن للناس تجربة الإصدارات الأولى من التكنولوجيا الثلاثية الأبعاد. ودعمت إدارة المدينة هذه المبادرة، معتبرة أن لها إمكانية تطوير السياحة وجذب الاستثمار. وقد أتيحت الفرصة للسكان المحليين والسياح على حد سواء لتجربة هذه التكنولوجيا، وكانت الاستجابة حماسية. يمكن للناس الانغماس في عوالم افتراضية والسفر إلى أماكن غريبة دون مغادرة فورت وورث.
ومع ذلك، كما هو الحال غالبًا مع التقنيات الجديدة، لم يكن الأمر خاليًا من المشاكل. خلال أحد الاختبارات، وجدت مجموعة من المتطوعين أنفسهم “محصورين” داخل منطقة ثلاثية الأبعاد. لقد تعطل النظام ولم يتمكن المشاركون من الخروج من الواقع الافتراضي. أصيب الدكتور جرايسون وفريقه بالصدمة وبدأوا على الفور في البحث عن سبب المشكلة. وأشارت كريستينا، وهي واحدة من القلائل الذين ظلوا هادئين، إلى أن الفشل ربما كان ناجماً عن تدخل خارجي غير مصرح به.
تبين أنها على حق. وأثناء التحقيق تبين أن النظام قد تعرض للاختراق من قبل قراصنة مجهولين استخدموا المنطقة الثلاثية الأبعاد في تجاربهم الخاصة. لقد أرادوا إنشاء محاكاة مثالية لا يستطيع فيها الناس التمييز بين الواقع والوهم. وقد تسبب هذا في حالة من الذعر الحقيقي بين المشاركين في التجربة وعائلاتهم.
اقترحت كريستينا استخدام تطويرها لواجهات الدماغ والحاسوب للتواصل مع المشاركين ومساعدتهم على إدراك أنهم كانوا في محاكاة. باستخدام هذه التكنولوجيا، يمكنهم إزالة الأشخاص تدريجيًا من المنطقة الثلاثية الأبعاد. ومع ذلك، كانت هذه مهمة محفوفة بالمخاطر، لأن التدخل في الدماغ يمكن أن يؤدي إلى عواقب غير متوقعة.
ورغم المخاطر قرر الفريق التحرك. وقاموا بإعداد النظام لتغيير معالم المحاكاة تدريجيًا، لمساعدة الأشخاص على فهم أن محيطهم لم يكن حقيقيًا. وتبين أن العملية كانت بطيئة وصعبة، حيث قاومت أدمغة المشاركين محاولات إخراجهم من العالم المريح والمألوف.
وبعد عدة أيام وليالٍ مكثفة من العمل، تمكنت كريستينا وزملاؤها من إعادة جميع المشاركين إلى العالم الحقيقي. ولم يصب أحد بأذى، لكن الحادث كان درسا خطيرا للجميع. أصبح من الواضح أن التكنولوجيا القادرة على إحداث مثل هذا التأثير العميق على إدراك الواقع تتطلب رقابة صارمة وقيودًا أخلاقية.
بعد الحادث، أعاد فريق المدينة وفريق غرايسون النظر في أسلوبهم في استخدام المنطقة الثلاثية الأبعاد. وتقرر إجراء المزيد من الأبحاث مع الأخذ في الاعتبار جميع المخاطر المحتملة وتحت إشراف صارم من خبراء مستقلين. كما تم اتخاذ تدابير لتحسين الأمن وحماية النظام من القرصنة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من كل الصعوبات والمخاطر، أصبحت المنطقة المجسمة واحدة من أكثر المشاريع إثارة للاهتمام والواعدة في عصرها. لقد فتحت فرصًا جديدة للتعليم والطب والترفيه. على سبيل المثال، يمكن للأطباء استخدام التكنولوجيا لمحاكاة العمليات والتدريب، والمدرسين لإنشاء دروس تفاعلية، والأشخاص العاديين لزيارة المتاحف الافتراضية والسفر عبر العصور التاريخية.
أصبحت فورت وورث معروفة في جميع أنحاء العالم كمدينة أصبح فيها الواقع الاصطناعي أقرب إلى الواقع من أي وقت مضى. على الرغم من أن التكنولوجيا والتحديات المرتبطة بالمنطقة الثلاثية الأبعاد لا تزال تتطلب المزيد من البحث والتحسين، إلا أن هناك شيئًا واحدًا كان واضحًا – وهو أن العالم قد تغير إلى الأبد. الآن لم يعد بإمكان الناس أن يحلموا بالعوالم الأخرى فحسب، بل يمكنهم أيضًا زيارتها، حتى افتراضيًا.